إن وظيفة آلة الإسبريسو بسيطةٌ للغاية وتتلخص في ضخ الماء الحار في القهوة بضغط يبلغ 9 بار. الضغط العالي الذي تبذله الآلة هو ما يُنتِج الإسبريسو ويمنحه الكثير من خصائصه كطعمه السلس والكريمي الرائع.

من جانبٍ آخر فإن للضغط العالي مساوئه أيضاً، على سبيل المثال لو كانت هناك بعض الثغرات أو العيوب في الطريقة التي يقوم فيها الباريستا بضغط قرص القهوة قبل وضعه في الآلة فإن الماء الحار سيمر داخل هذه الثغرات.

هذه العيوب في قرص القهوة تسمى التشعبات وهي أسرع طريقة لإفساد جرعةٍ من الإسبريسو، فبدلاً من استخلاص النكهة من القهوة بشكل متساوٍ سيقوم الماء العابر من خلال التشعبات بغمر بقية القهوة المطحونة بشكل زائد مما يعطي الإسبريسو طعمًا مرًا ومحروقًا.

من أفضل الحلول التي تمنحها آلات الإسبريسو للباريستا للحد من مشكلة التشعبات هي ما يعرف بمرحلة الترطيب المسبق. في الآلات التي تضم مرحلة الترطيب المسبق يتم ضخ الماء في قرص القهوة عند ضغطٍ منخفض في الثواني الأولى القليلة من إعداد الجرعة. وهكذا تسنح الفرصة لقرص القهوة بامتصاص هذا الماء قبل التدفق القوي الذي سيحدث لاحقاً بفعل الضغط البالغ 9 بار والقادم من المضخة.


هناك منافع عديدة لترطيب قرص القهوة قبل الوصول للضغط الكامل، إلى جانب تقليل التشعبات وما ينتج عنه من تحسين طعم القهوة فإن هذا الترطيب يجعل الإسبريسو أكثر اتساقاً وكذلك فهو يُمَكِّن الباريستا من طحن القهوة بدرجة أنعم وبالتالي الحصول على نكهة أغنى من القهوة.

عندما تُقدِم على اختيار آلة الإسبريسو فعليك أن ترجح شراء آلة تضم خاصية الترطيب المسبق، ولكن يُسَاء فهم هذه المرحلة في كثير من الأحيان إضافةً إلى وجود العديد من نماذج الترطيب المسبق في آلات القهوة الحديثة. في هذا المنشور سوف نحاول فك طلاسم هذا الموضوع وشرح كيفية عمل الترطيب المسبق لمساعدتك على اختيار أكثر الأنظمة ملائمةً لك.

كيف تُحَسِّن مرحلة الترطيب المسبق طعم الإسبريسو؟

الترطيب المسبق يعطي قرص القهوة وقتاً لامتصاص الماء وبالتالي يُرطَّب القرص بشكل متساوٍ قبل أن يصله الماء بقوة الضغط الكامل البالغ 9 بار.

تميل القهوة الجافة إلى مقاومة جريان الماء من خلالها. الأمر شبيهٌ بصب الماء في تربة جافة حيث سيقوم الماء بالعبور تلقائياً من خلال التشققات الموجودة في الأرض بينما تبقى بعض الكتل من التربة جافة ولَربما تطفو فوق سطح الماء. عندما تصبح التربة مبللة سيتدفق الماء من خلالها بشكل متساوٍ.

عندما تكون القهوة جافة سوف يشُقُّ الماء طريقاً للعبور من خلال المنافذ الصغيرة الموجودة في القهوة وسيُكَوِّن له قناة أثناء ذلك تماماً كما يجد الماء مساراً من خلال التشققات في التربة. لكن عندما يُمنَح قرص القهوة بعض الوقت لامتصاص القليل من الماء قبل ضخ بقيته عند ضغط عالٍ فإن ذلك يجعل الماء يتدفق في القهوة بشكل متساوٍ. التدفق المتساوي يعني تشعبات أقل واسبريسو ألذ.

ربما تساهم مرحلة الترطيب المسبق أيضاً في تصحيح بعض الأخطاء البسيطة التي يرتكبها الباريستا.

مثلاً عندما تمتص حبيبات القهوة المطحونة بعض الماء فإنها تنتفخ وعندما تكون هناك بعض الثغرات أو التشققات في قرص القهوة الناتجة عن كبس القهوة غير المتساوي فإن حبيبات القهوة المنتفخة سوف تدفع بعضها البعض وتسد جميع الفتحات الصغيرة.

الترطيب المسبق يجعل الإسبريسو أكثر اتساقاً. الاتساق هو أحد العوامل المهمة التي تجعل الزبائن الذين يحبون شرب القهوة ذاتها يوماً بعد يوم يحددون المقهى الذي يزورونه كل صباح.


أما الفائدة الأخرى لمرحلة الترطيب المسبق فهي إعطاء الباريستا القدرة على طحن القهوة بدرجة أنعم والحصول على نكهة أغنى من القهوة. بعد المرور بالترطيب المسبق يسري الماء من خلال قرص القهوة بشكل أسرع. هذا يعني أن الباريستا سيكون قادراً على ضبط مطحنة القهوة لزيادة درجة طحن بمقدار ثُلمَة أو اثنتين دون التأثير على وقت إعداد الجرعة.

لا نعلم بالضبط لماذا يحدث ذلك، ولكن تشير إحدى النظريات إلى أن عدم وجود مرحلة الترطيب المسبق يؤدي إلى حمل جزيئات صغيرة جداً من القهوة مع الماء أثناء جريانه في قرص القهوة. تسمى هذه الجزيئات بالفُتات وتترسب في أسفل قرص القهوة حيث تسد الثقوب الموجودة في قاع سلة الترشيح. عندما تُرطَّب القهوة يُحبَس الفتات في مكانه وهكذا لا يستطيع سد الثقوب بشكل كبير.

طرق مختلفة لمرحلة الترطيب المسبق:

تعمل الآلات المختلفة بطرقٍ مختلفة في مرحلة الترطيب المسبق. النتيجة هي نفسها ولكن لكل طريقة إيجابياتها وسلبياتها.

في أبسط نموذج يُستخدَم ضغط ماء الموزع لمرحلة الترطيب المسبق. عند بداية إعداد الجرعة يُفتَح ماء الموزع ويبدأ الماء في الجريان تحت ضغط الأنابيب فقط. عند انتهاء مرحلة الترطيب المسبق تُشغَّل المضخة فترفع الضغط بالكامل ليصل إلى 9 بار.

Tهذا النوع من خاصية الترطيب المسبق يوجد عادة في الآلات المنزلية التي تستخدم رأس مجموعة من نمط E-61 مثل الموجود في سانريمو كيوب وهو قادر على تأدية الغرض بشكل جيد، ولكن نظراً لأنه يعتمد على ضغط الأنابيب في مرحلة الترطيب المسبق فإن اتساق القهوة مرتبط باتساق إمداد الماء ولذلك يندر استخدامه في الآلات التجارية الحديثة.

النوع الثاني من خاصية الترطيب المسبق هو الأكثر شيوعاً في آلات الإسبريسو التجارية. في هذه الآلات يحتوي رأس المجموعة على حجرة صغيرة مزودة بالزنبركات. عند بداية الجرعة يبدأ الماء بتعبئة الحجرة وكذلك بالتدفق في قرص القهوة. لا يمكن للضغط أن يصل إلى درجة 9 بار حتى تمتلئ الحجرة تماماً بالماء وهكذا فإن الوقت المستغرق في تعبئة الحجرة بالماء هو مدة مرحلة الترطيب المسبق.

هذا هو مبدأ عمل نظام الترطيب الناعم الموجود في آلتي الإسبريسو نوفا سيمونيلي و فيكتوريا أردوينو. هذا النوع من خاصية الترطيب المسبق فعَّال جداً ولا يحتاج للكثير من الصيانة. العيب الوحيد هو أن فترة الترطيب المسبق يتم تحديدها مسبقاً من قِبَل الشركة المصنِّعَة ولا يمكن ضبطه بواسطة الباريستا.

أنظمة الترطيب الناعم في آلتي الإسبريسو نوفا سيمونيلي وفيكتوريا أردوينو قوية ومتسقة جداً وتنتج قهوة رائعة المذاق.


النوع الثالث من خاصية الترطيب المسبق يستخدم مُقَيِّد تدفق للحد من تدفق الماء أثناء الثواني الأولى من إعداد الجرعة. مُقَيِّد التدفق هو عبارة عن ثقب صغير جداً قطره أقل من 1 ملم يجري الماء من خلاله. إبطاء التدفق بهذه الطريقة يمنع الضغط من التزايد. بعد أن تنتهي مرحلة الترطيب المسبق يُعاد توجيه الماء حول مُقَيِّد التدفق وبالتالي يصل إلى الضغط الكامل.

هذا النوع من مرحلة الترطيب المسبق يوجد في آلات سانريمو مثل كافيه ريسر وهو أكثر تعقيداً بقليل من النوع المعتمد على حجرة الترطيب المسبق، ولكنه يتمتع بميزة إمكانية البرمجة حيث يمكن للباريستا أن يحدد الوقت المستغرق لمرحلة الترطيب المسبق.

النوع الأخير من مرحلة الترطيب المسبق يستخدم المضخة لتغيير الضغط. عندما تبدأ الجرعة تعمل المضخة تحت ضغط منخفض. عندما تنتهي مرحلة الترطيب المسبق تعمل المضخة بكامل طاقتها فيصل الضغط لأعلى مستوى. يبدو هذا بسيطاً، ولكنه في الواقع يحتاج إلى نوع مخصص من المضخات ولذلك قد يكون مُكلِفاً في تنفيذه عملياً.

هذا هو مبدأ العمل في لامارزوكو سترادا اي بي والذي يسمح بالتحكم الكامل في الضغط أثناء جميع مراحل تحضير القهوة.

الترطيب المسبق (Pre-infusion) أو التبليل المسبق (Pre-wet)؟

بعض أجهزة الإسبريسو تحتوي على خاصية مختلفة قليلاً تُدعى التبليل المسبق. التبليل المسبق ليس بنفس فاعلية الترطيب المسبق الناعم الحقيقي.

آلات الإسبريسو التي تستخدم التبليل المسبق لا تضخ الماء تحت ضغط منخفض. عِوَضاً عن ذلك تقوم بترطيب قرص القهوة مسبقاً عن طريق تشغيل المضخة لوقت قصير ثم إيقاف تشغيلها، وهكذا تمنح قرص القهوة عدة ثوانٍ لامتصاص الماء ثم تشغل المضخة من جديد لإتمام إعداد الجرعة.

هذه التقنية تُسَمَّى أحياناً بالترطيب المسبق الخشن لأن الماء يصطدم بقرص القهوة عند أقصى معدل للتدفق منذ البداية. أما الترطيب الناعم فهو يُطلَق على جميع الطرق التي شرحناها مسبقاً والتي تُقلل الجريان المبدئي للماء نحو قرص القهوة.

ولكن لا يبدو أن الترطيب المسبق الخشن يعمل بنفس جودة الترطيب المسبق الناعم. بدون الضغط الخفيف المصاحب للترطيب المسبق الناعم والذي يدفع الماء نحو قرص القهوة لا تنغمر حبيبات القهوة بالكامل بالماء. لذلك حينما ترغب في اقتناء آلة اسبريسو بخاصية الترطيب المسبق تأكد أنها بنظام الترطيب المسبق الناعم.

هنالك الكثير من آلات الإسبريسو في السوق قادرة على إنتاج قهوة رائعة دون وجود مرحلة الترطيب المسبق مطلقاً. الباريستا الممتاز باستطاعته الحصول على نتائج مذهلة باستخدام مطحنة جيدة من أي آلة اسبريسو حديثة.


ومع ذلك فإن مرحلة الترطيب المسبق تُسَهِّل على الباريستا الحصول على نتائج جيدة. إنها تزيد من الاستخلاص وتجعل القهوة أكثر اتساقاً وقد تنقذ الإسبريسو حينما يقوم الباريستا بارتكاب خطأ بسيط أثناء كبس القهوة.

إن تغيير مدة الترطيب ودرجة الضغط تمنح الباريستا المحترفين متغيرات جديدة في وصفاتهم. الحصول على التحكم الكامل في هذه المرحلة من عملية استخلاص القهوة يعطي الباريستا طريقة إضافية جديدة لضبط نكهة القهوة بدقة ولتحضير الإسبريسو الأفضل على الإطلاق.


هل لا زلت تبحث عن الآلة المناسبة؟

اتصل بفريقنا للحصول على استشارة شخصية مجانية ، وسنساعدك في العثور على ما تبحث عنه.

احجز استشارتك المجانية